في الماضي، لم يكن طريق ريادة الأعمال سهلًا أو متاحًا للجميع.
الرغبة وحدها لا تكفي، بل كانت تُقابل بحواجز واقعية تبدأ من رأس المال الكبير، ولا تنتهي عند التعقيدات الإدارية والبيروقراطية.
من أراد أن يفتتح مشروعًا، كان عليه أن يستعد لمشوار شاق:
استئجار محل فعلي، البحث عن موقع مناسب، تجهيز المخزن، التوظيف، الطباعة، الإعلان في الصحف والمجلات، والمراجعات الحكومية التي لا تنتهي.
حتى أبسط دراسة سوقية كانت تحتاج إلى وقت طويل، وجهد يدوي، ومعلومات يصعب الوصول إليها.
كان تأسيس المشروع بحد ذاته رحلة منفصلة عن المشروع نفسه.
لكن اليوم، تغيّرت الصورة بالكامل.
ليس لأن العالم أصبح مثاليًا… بل لأنه أصبح أسرع، أذكى، وأكثر دعمًا لأصحاب المبادرات.
مشروع اليوم قد يبدأ من هاتف محمول.
صورة احترافية، حساب على منصة اجتماعية، متجر إلكتروني بسيط، وربط مباشر مع وسائل الدفع.
برامج محاسبية جاهزة، أدوات تحليل سوق بضغطة زر، وحتى خدمات قانونية وتقنية متخصصة يمكن شراؤها كاشتراك شهري دون الحاجة إلى موظفين دائمين.
لم تعد العوائق كما كانت.
لم تعد البداية محصورة بمن يملكون رأس مال كبير أو علاقات قوية.
بل أصبحت متاحة لأي شخص يملك فكرة، واستعدادًا للتعلم، وجرأة على التنفيذ.
والأهم من ذلك، أصبحت البيئة من حوله تهيئه للنجاح:
من دعم حكومي، إلى محتوى تعليمي، إلى شركات تساعدك في كل خطوة من التأسيس وحتى التشغيل.
ومع ذلك، من المهم أن نكون واقعيين.
سهولة التأسيس لا تعني بالضرورة سهولة الاستمرار.
ووفرة الأدوات لا تعني غياب التحديات.
لكن الفرق الجوهري اليوم أن البداية لم تعد هي العقبة الأكبر.
ما كان يتطلب شهورًا وأموالًا طائلة… يمكن الآن إطلاقه خلال أيام، وربما دون أن تغادر منزلك.
في الماضي، كان السوق يقيس رائد الأعمال على قدرته المالية والتنفيذية.
أما اليوم، فقد تغير معيار القياس:
صار يُقاس على قدرته على التجربة، وسرعته في اتخاذ الخطوة الأولى، ومرونته في التعلّم والتطوير.
السؤال لم يعد: “هل أقدر أبدأ؟”
بل: “هل عندي الجرأة أبدأ؟”
لأن البيئة موجودة، والدعم موجود، والأدوات متاحة.
وإذا كنت تنتظر اللحظة المناسبة، فربما لا تحتاج أكثر من أن تنظر حولك الآن.
اللحظة المناسبة لا تُعلَن… بل تُلتقط.
وما يوقفك في كثير من الأحيان، ليس نقص الوسائل… بل تأجيل القرار.



